الصراع الأزلي لتحقيق الكمال الذاتي بات يتلاشى مع سرعة الحياة اليومية والانشغالات اللامتناهية. فبذلك تنجرف أفكارنا، مشاعرنا، وآراؤنا إلى زوايا عميقة في داخلنا، تراكمها قد لا يترك أثرًا سلبيًا بشكل مباشر، لكنه أحيانًا يعيق خفة المرء وسرعة انسجامه مع بيئته المحيطة.
ما هو التأمل بالذات؟
هنا يأتي دور الوسائل التي تعزز من فهمنا لأنفسنا وترسم لنا صورًا ومفاهيم لم تكن بالحسبان، مفهوم التأمل بالذات هو إحدى الوسائل التي تعزز الوعي الذاتي وتبني كيانًا قويًا يعبر عن أنفسنا. فالتأمل بالذات ليس مجرد ممارسة روحانية أخرى كما تتوقع، بل هو أشبه برحلة غير متناهية، لا تقاس بمدى سرعتها بل بعمق وصولها لجذور الأفكار والمشاعر التي تتملكنا.
خطوة تحول
رحلة التأمل بالذات تبدأ بخطوة العزم على إعطاء أولوية للجلوس من غير الانشغال بالنشاطات اليومية والالتزامات، حرصًا على التعمق بأفكارنا والغوص في المسببات من غير تكوين حكم أو انتقاد مسبق. نتواجد بالتأمل الذاتي بجميع حواسنا للوصول إلى مرحلة مراقبة النفس والتعرف على جوانب عديدة في شخصياتنا، منها نقاط قوة المرء وضعفه وأفكاره التي تكوّن سلوكه وتصرفاته. فبالالتزام المستمر والدائم نتمكن من الوصول إلى وعي ذاتي أكبر.
فبالوعي الذاتي ندرك أن المؤثرات والمشتتات الخارجية هي فقط عائق بسيط يبعدنا عن الحقيقة، حقيقة؛ أن الأحداث والعوامل هي التي تشكل أصل معتقداتنا وأفكارنا. هذا الوعي يسمح لنا أن نتخذ قرارات سليمة وأكثر توافقًا مع حياتنا.
المشاعر بوابة المفاهيم
إن سمحت لنفسك بتأمل الموضوع من زاوية أخرى، سترى ان التأمل بالذات يساعدنا أيضًا على ترجمة مشاعرنا بطريقة سليمة ومتوازنة. إن المشاعر هي رابطتنا الأعمق بكل شيء يحيط بنا، فمن خلال تفسيرها الصحي نقلل بذلك أي ارتباط بمشاعر سلبية أو تتم معالجة تلك المشاعر السلبية بمرونة أكبر. فبالتالي نحقق المسؤولية التامة للتحكم بردات أفعالنا ويتم التعامل مع المواقف بهدوء وإدراك تام.
وفي الختـــــام:
رحلتك في تأمل ذاتك قد تبدأ في أي لحظة، وقد تبدأ بفعل صغير، ألا وهو عقد النية لإكتشاف أعماقك. تلك النية بُنيت من تطلعنا للوصول إلى حياة متزنة أقل اضطرابًا وأكثر هدوءًا.
تأملك يبدأ بنية وينتهي بحياة أكثر توازنًا وخفة.
كتــابة: ضحى السيّد
تنسيق وترتيب أفكار: مريم قاري
تحرير: مَجْلِس